• 10226 قراءة


  • 0 تعليق



 

د.المسند: نخيل المملكة يكفي لعام 2037م ولابد من "الحفاظ على المياه"

يستهلك 920 مليار لتر سنويًا.. أي ما يكفي السكان لـ140 يومًا

عبدالله الزهراني - مكتب الدمام
الأحد 30/06/2013
د.المسند: نخيل المملكة يكفي لعام 2037مولابد من "الحفاظ على المياه"

أكد عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم الدكتور عبدالله المسند ان ما حدث في جدة وتبوك ليست بسبب التغيرات المناخية، ولكنها التعديات الأرضية والتخبطات الفنية في بناء البنية التحتية والجهل في الطبيعة الجغرافية.
كما قال الدكتور المسند: «إن بناء السعودية لأكبر محطة لتحلية المياه في العالم هو لطبيعة مناخنا الصحراوي المتسم بشح الأمطار وانعدام الأنهار، وارتفاع درجة الحرارة والبخر وانخفاض منسوب المياه الجوفية هنا، ونضوبها هناك، وتدني نوعيتها في مكان ثالث، وذلك خلال العقود الثلاثة الأخيرة».
هذا من جهة ومن جهة أخرى ارتفاع معدل النمو السكاني، متزامنًا مع ارتفاع مستوى المعيشة كل هذه العوامل الطبيعية والبشرية دفعت الحكومة إلى التوجه لتحلية البحر في وقت مبكر لمقابلة الطلب المتزايد على الماء، حتى أصبحت الأولى عالميًا» . جاء ذلك خلال حوار صحفي أجرته «المدينة» مع الدكتور المسند.. فإلى نص الحوار:
الزراعة والمياه


*لماذا دعوت خلال مقالاتك وتغريداتك على تويتر إلى إيقاف زراعة النخيل بالمملكة؟
- مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل تكفي سكان المملكة حتى عام 2037م، ودعنا نأخذ إحصائية عام 2007م على سبيل المثال، إذ بلغت كمية إنتاج التمور 983 ألف طن بينما عدد السعوديين17 مليون نسمة، ونصيب الفرد حوالى 160غرامًا يوميًا من التمر! أي يأكل كل مواطن11 تمرة في اليوم وهذا حجم كافٍ بل وكبير للفرد الواحد، ولو افترضنا جدلًا أن نصف المواطنين أطفال وكبار لا يأكلون التمر فإن نصيب النصف الباقي 22 تمرة للفرد يوميًا.
ومن جهة أخرى بعض التمور في المملكة يصدر وآخر يستخدم (مع الأسف طعامًا للحيوانات) وهذا فيه هدر لموارد المياه الشحيحة أصلًا، إذ إن تصدير كل تمرة واحدة يقابلها تصدير 6 أمتار مكعبة من المياه تقريبًا، وكمية المياه المستخدمة للنخيل تفوق ما يستخدم للقمح بحوالي عشرة أضعاف، وبالتالي فإن مشكلة الحفاظ على المياه الجوفية لم تعالج بل تفاقمت وفقًا لهذا التوجه (النخيل على حساب القمح)، وفي المملكة حوالي 23 مليون نخلة تستهلك سنويًا (وفقًا للحد الأدنى) من الماء نحو 920 مليار لتر أي ما يكفي سكان المملكة لـ 140 يوما!!، وعليه أرى أن نكتفي بالنخيل ذي الأصناف الجيدة، ونتخلص من غيرها والتي تستهلك مياه وانتاجها يبقى أحيانا على رؤوسها لا نجد من يشتريه حتى علفًا للماشية.


*ما الحل من وجهة نظرك بين معادلة الأمن المائي، والأمن الغذائي وزراعة القمح على وجه التحديد؟
-من وجهة نظري الشخصية الحل باختصار يكمن في أن يُعتمد على القمح المستورد، إيجاد خزن إستراتيجي للقمح يكفي لستة أشهر، وضع خطة طوارئ وطنية لزراعة القمح في حالة الحاجة (يستغرق إنجازها أقل من 6 أشهر).. وبهذا حققنا الأمن الغذائي، وحافظنا على الأمن المائي وهو المطلب الرئيس أليس كذلك؟.


*لو تجاوزنا مسألة زراعة القمح؟ هناك مشكلة أخرى قائمة وماثلة ألا وهي مشكلة زراعة الأعلاف؟
- الأعلاف محاصيل شرهة، وتستهلك مياه بشكل أكبر من القمح! ومن المفارقات الغريبة أننا حرمنا الإنسان السعودي من زراعة القمح لأجل الحفاظ على المياه الجوفية، وفي الوقت نفسه نزرع الأعلاف للحيوان!! ومن المفارقات العجيبة أننا قللنا من زراعة القمح (بعد خراب مالطة) ثم دعمنا زراعة النخيل وهي تستهلك كمية مياه أكثر من القمح (حوالي عشرة أضعاف) في الوقت الذي كمية إنتاج التمور في السعودية تكفي حاجتنا وتزيد، وعليه أدعو إلى التخطيط المتدرج لتقليص مساحة الرقعة المزروعة بالمملكة، بمقدار 10% كل سنة ولفترة خمس سنوات، والبدء بإجلاء المشروعات الزراعية السعودية العملاقة، ونقلها برمتها إلى دول مائية قريبة، على أن يكون استثمار سعودي في الخارج، (كما تستثمر الشركات اليابانية الصناعية الأيدي العاملة الرخيصة بنقل مصانعها إلى دول رخيصة، لعلة اقتصادية) ونحن نفعلها لعلة مائية؛ بعدها أجزم أن مستوى المياه الجوفية سيرتد تدريجيًا، وللتذكير القطاع الزراعي بالمملكة يستهلك نحو 86% من إجمالي المياه المستهلكة!.


*كشفت تقارير عالمية أن السنوات المقبلة ستشهد نقصًا متزايدًا في المياه، وبالأخصِّ في شبه الجزيرة العربية والمملكة ما مدى صحة تلك التقارير؟
- الجزيرة العربية تعاني من جفاف امتد لحوالى 10 آلاف سنة مضت تقريبًا، والزراعة بالمملكة في العصر الحديث تعتمد على خزانات جوفية عميقة لمياه متجمعة يوم كانت الجزيرة مروجًا وأنهارًا قبل نحو 10 آلاف سنة، وهذه المياه محدودة الكمية والسحب منها يفوق التغذية الطبيعية بواسطة المطر بشكل كبير جدًا.. ومن جهة أخرى التغيرات المناخية والاحتباس الحراري رفع من معدل درجة الحرارة في المملكة والعالم اجمع الأمر الذي سيدفع إلى ارتفاع الطلب المائي في القطاع البلدي والصناعي والزراعي على حد سواء، لذا كحل عينيك برؤية المزارع التجارية والتي ستختفي (تدريجيًا) حتى تصبح أثرًا بعد عين لدواعي نضوب الماء العميق.
*

ما الواجب على الجهات المعنية لمواجهة أزمة المياه ؟

رفع وتنمية الوعي لدى المواطن في شأن شح وتدني المياه الجوفية بالمملكة تحتاج إلى عمل دؤوب وشاق وطويل ومكلف، وأزعم أن أضمن وأقصر طريق لهذا رفع التعرفة بطريقة عادلة، بمعنى يُعطى المواطن حصته الشهرية المجانية من الماء وفقاً لعدد الأسرة في المنزل، على أن يكون لكل شخص في المنزل نسبة (محسوبة علمياً وفق آلية لا يتسع المقام لذكرها) ومن ثم عندما يُسرف المواطن ويتجاوز الحد المقرر له ولأسرته وفقاً للعداد فإنه يتحمل فاتورة عالية نظير تجاوزه النسبة المجانية من الماء، ولكن قبل أن يكلف المواطن هذا يجب أن توضع العدادات على المشاريع الزراعية الكبيرة كما الصغيرة، فهم يستهلكون المياه الجوفية الأحفورية القديمة بالمجان دون مقابل، بينما المواطن يحاسب على نصف بوصة تدخل إلى منزله!! لذا أقول إبدأوا في المزارع قبل المساكن والمشروع طويل وشائك.


الطقس والمناخ
*يزعم البعض أن مناخ وأجواء المملكة له دورات مناخية وأنماط طقسية تتكرر بين الحين والآخر، ألا يمكن تتبع تلك الدورات ومعرفة فتراتها ومتى عودتها؟
- كما أن للإنسان بصمة وراثية لا يمكن أن تتشابه مع شخص آخر، أزعم أن لكل يوم ولكل موسم حالة جوية متفردة ومتميزة، ولا يمكن أن تتكرر ثانية في الزمان والمكان والمقدار والشكل نفسه 100%، إلا بنسبة احتمالية قدرها نسبة احتمالية تصادم حمامتين تطيران في سماء الجزيرة العربية، والدورات المناخية لا تعني بالضرورة أن يتكرر الطقس جملة وتفصيلًا دون تغيير في مكان معين ومحدد، بل الدورات المناخية ـ إن وجدت ـ تتشابه (نسبيًا) ولا تتطابق، ووفقًا لتتبع معدلات الأمطار الهاطلة في المملكة العربية السعودية لأكثر من 50 سنة ماضية ـ في بعض المحطات- لم أجد أثرًا لتلك الدورات المطرية، بل هناك تذبذب وعدم انتظام في كمية هطول المطر السنوي، وتذبذب حتى على مستوى العقود بصورة لا تتضح فيها الدورات المناخية والله أعلم وأحكم.


*الناس تتطلع إلى نشرة أحوال جوية تكون مصداقيتها والثقة عالية، بل ومطلقة فهل هذا ممكن؟
-العلماء وما صنعوا من نماذج مناخية تحاكي الواقع يعجزون عن الفهم الكلي لأحوال الطقس وتقلباته، وهم يعترفون بهذا، بل ومازال المجهول في علم الطقس أكثر وأوسع وأرحب من المعلوم، لذا نجد القصور، والنقص، والخطأ، في مخرجات تلك النماذج المناخية المستخدمة في التوقعات، وما يترتب عليها من نشرات للأحوال الجوية، لذا فثقتنا بنشرة الأحوال الجوية ومخرجات النماذج المناخية محدودة وليست مطلقة، ومن يرغب بثقة تصل إلى 100% فأنصحه يتابع نشرة الأخبار لا الأحوال.


*أين نجد أعلى معدلات المطر سقوطًا في السعودية؟
- أعلى معدلات الهطول السنوي للمطر بالمملكة وفقًا للسجلات المناخية تكون في أبها (218 ملم)، تليها محطات الطائف وجازان والباحة (176,3رملم - 139,1 ملم - 137,6 ملم) على التوالي، وأقلها في وادي الدواسر (29 ملم)، يليها تبوك والقريات وعرعر (30 ملم - 47,6 ملم – 53 ملم) على التوالي، وذلك اعتمادًا على السجلات المناخية خلال الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 1985 حتى 2010م والله أعلم.


*أطلقت لجنة تسمية الحالات المناخيه المميزة بالمملكة تسمية الحالة المطرية الأخيرة باسم «البيضاء» ما سبب هذا الإسم ؟
- أقرت لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة بالمملكة العربية السعودية (لَتَحم) منذ تأسيسها عام 1432هـ أقرت خمس تسميات لحالات مطرية مميزة وهي: مغدقة في مارس 2012، والأبواء في نوفمبر 2012، والأفلاج في نوفمبر 2012، وتبوك في يناير 2013، وأخيرًا حالة البيضاء في أبريل 2013، والبيضاء اسم تم اختياره في وقت تأسيس اللجنة وليس له تعليل أو ارتباط في الحالة الأخيرة، بقدر كونه اسم وعلامة تميز الحالة من أجل التاريخ، هذا من جهة ومن جهة أخرى أقرت اللجنة تسميتين لعاصفتين رمليتين مميزتين: عاصفة سمكة الرآيفي مارس 2011، وعاصفة الشبح في مارس 2012.


*ما حدث في مدينتي جده وتبوك هل هو قوة الأمطار والتغيرات المناخية ؟ أم سوء البنية التحتية؟
- ما حدث في جدة وتبوك ليست بسبب التغيرات المناخية، ولكنها التعديات الأرضية، والتخبطات الفنية، في بناء البنية التحتية، والجهل في الطبيعة الجغرافية والله المستعان.

العواصف الغبارية
*البعض ينقل كلامًا عن ابن خلدون عن فوائد الغبار في قتل الحشرات، هل ثبت هذا علميًا؟
- لا أعلم ولم أقف على دراسة علمية تثبت ذلك، ولكن الذي أعلمه أن معظم الجسيمات الغبارية الدقيقة جدًا التي تكون أقطارها أقل من 2.5 ميكرون (قطر الشعرة 50 ميكرون) تستطيع الوصول إلى الجهاز التنفسي للإنسان، أما الجسيمات التي تكون أقطارها أقل من واحد ميكرون فتصل بسهولة إلى أعماق الرئة، وقد تؤثر بها سلبًا، وربما تؤدي إلى حدوث سرطان بها لا قدر الله، وعليه ينصح باستخدام الكمامات طول وجود العوالق الغبارية، أو اللطمة، والتحذير من ممارسة أنواع الرياضة وقت الغبار في الهواء الطلق، بينما إقامة المباريات في حالة وجود العواصف الغبارية خطأ صحي يجب أن يتوقف.
*أنت بالمناسبة طالبت في أكثر من مرة إلى تعليق الرياضة والمباريات أثناء العواصف الغبارية لماذا؟
- نعم أنا أطالب إلى تعليق المباريات خاصة في الملاعب المكشوفة ككرة القدم أن تعلق على غرار الدراسة، في ظل وجود مخاطر صحية كامنة على اللاعبين.

التغير المناخي
*ماذا عن تغير المناخ في المملكة ؟
- أجريت في دراسة سابقة عام 2005 دراسة لاستقراء التغير المناخي لدرجات الحرارة في وسط السعودية حيث أظهرت النتائج أن معدل ارتفاع درجة الحرارة خلال الثلاثين سنة الأخيرة من القرن الماضي بلغ 1.5 درجة مئوية، وفيما يتعلق بالمستقبل واعتمادًا على ثلاثة نماذج عددية عالمية (HadCM3 بريطاني، CGCM2كندي، ECHAM4 ألماني) وسيناريوهين للانبعاثات الغازية فقد أثبتت مخرجات النماذج أن معدل درجة الحرارة على مستوى وسط المملكة سيرتفع بمعدل 0.4º م – 1.6º م بحلول عام 2020م، بينما تتوقع الدراسة أن يرتفع معدل درجة الحرارة عام 2080م من 2º م – 4.8º م والله أعلم.


*ولكن هناك من يشكك في مسألة التغير المناخي؟
- لم يكن التغير المناخي Climate change في العقود الأربعة الأخيرة نظرية أو فرضية فحسب، بل هو واقع ملموس وأمر محسوس، فالسجلات المناخية العالمية المئوية حافلة بشواهد غنية وأدلة قطعية، على أن عناصر المناخ تغيرت وأصبحت أكثر تطرفًا وعنفًا وعلى وجه الخصوص درجة حرارة سطح الأرض والمحيطات حيث ساهمت في الغالب وبشكل سلبي على الإنسان والنظام البيئي على حد سواء.


*هل أسباب التغير المناخي الحالي طبيعية أم بشرية ؟
- يرى كثير من العلماء أن النشاط البشري في المائة سنة الأخيرة قد أثر على المناخ وقاده إلى الاحترار العالمي Global warming وقد أكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي (IPCC) لعام 2001م إلى أنه توجد دلائل وشواهد قوية على أن النشاط البشري يقف خلف ارتفاع درجة الحرارة، واعتمادًا على آخر السجلات المناخية خلال القرن العشرين فإن درجة الحرارة ما زالت في طور الصعود والارتفاع والتغير.


*هل بناء المملكة لأكبر محطة لتحلية المياه في العالم لتوفير مياه الشرب هو بسبب التغيرات المناخية ؟
- سبب توجه المملكة لتحلية مياه البحر هو طبيعة مناخنا الصحراوي المتسم بشح الأمطار وانعدام الأنهار، وارتفاع درجة الحرارة والبخر، وانخفاض منسوب المياه الجوفية هنا، ونضوبها هناك، وتدني نوعيتها في مكان ثالث، وذلك خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولارتفاع معدل النمو السكاني، متزامنًا مع ارتفاع مستوى المعيشة.


* ماذا بشأن توقعاتكم المستقبلية لتلك الأزمة؟
- أحسب أن مسألة التغير المناخي موضوع علمي عالمي جدلي، ولن يصل العالم في الوقت القريب إلى اتفاق شامل وكامل في شأنه، سيما أن التغيرات المناخية بطيئة نسبيًا، لذا فقد يصل العالم إلى رؤية واضحة وجلية، وربما اتفاق وإجماع في مسألة التغيرات المناخية بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الآن عندما يصطلون بآثار التغيرات المناخية بشكل أشد وأنكى من الآن، أما من الناحية العلمية العملية فأنا أزعم أن النشاط البشري يقف وراء التغيرات الأخيرة وهذا ثبت من قبل جهات مستقلة وبحوث ودراسات علمية، وأصبحت مسألة التغيرات المناخية معادلة مقاسة ومحسوبة والآثار الجانبية ملموسة ومصورة، وسوف تتفاقم مستقبلًا حتى لو اتفق العالم على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة فالاستجابة الأرضية الإيجابية لن تكون مباشرة وإنما ستأتي بمراحل والله أعلم وأحكم.

 

*****   

  عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون
1434-08-21هـ
2013-06-30م
www.almisnid.com

almisnid@yahoo.com

 


  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 19
أنت الزائر رقم 1,932