• 10037 قراءة


  • 0 تعليق

فصول "صح النوم" عرض المشكلة .. واقتراح الحل.

 

أ.د. عبدالله المسند*

 

 

:. يتزامن شهر رمضان مع فترة العام الدراسي من عام 1441هـ، وسيفارقها عام 1459هـ، ليمكث فيها مدة 19 سنة (بهامش خطأ مقداره ‏سنة)‏‎ ‎‏ و ‏رمضان يتقدم كل سنة بمعدل 11 يوماً على سلم الشهور الميلادية. ‏

 

:. علماً أن الفترة السابقة والتي كان شهر رمضان يتزامن فيها مع العام الدراسي بدأت عام 1407هـ، وانتهت عام 1428هـ، وبلغ طولها 22 ‏سنة، بعدها ‏درس الطلاب والطالبات فترة 12 سنة دون المرور بشهر رمضان، من عام 1429 حتى 1440هـ.‏
‏ ‏
:. والجدول المرفق يوضح حركة مسار شهر رمضان عبر الفصول الأربعة، والشهور الميلادية، من عام 1441هـ (2020م) حتى عام ‏‏1463هـ (2041م) ‏ولمدة 23 سنة، كما يوضح الجدول متوسط درجات الحرارة الصغرى والكبرى المتزامنة مع رمضان، وطول فترة ‏الصيام بالساعات وذلك وفقاً لمدينة الرياض.‏

 

 

 

 

:. ومن الطريف أن الطلاب والطالبات الجدد (سنة أولى ابتدائي) سيلتحقون بالدراسة في العام الدراسي 1441هـ وسيتخرجون من الجامعة ‏ولم يفارق ‏شهر رمضان العام الدراسي!!.‏

 

:. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أثبتت النتائج الميدانية التربوية أن الدراسة خلال شهر رمضان ـ خاصة في الشهور الحارة ـ إنتاجيتها ‏متدنية من ‏جهة الطلاب والمعلمين كما الإداريين، وما ذاك إلا لظروف وعوامل 3 هي: طبيعية، اجتماعية، وصحية.‏

 

:. فالعامل الطبيعي يتمثل بأجواء حارة جداً في فصل #الصيف، والذي يُمثل نحو 5 أشهر على الأقل في أجواء #السعودية (من مايو حتى ‏سبتمبر)، ‏فالسماء فيها صحو وصافية، والشمس ساطعة حارقة.‏

 

:. أما العامل الاجتماعي فيتمثل بعادة اجتماعية سعودية متأصلة، ومن الصعب أن ينفك الشعب السعودي عنها، وهي السهر طوال ساعات الليل ‏في ‏شهر رمضان، سواء أُقرت الدراسة فيه، أم لا!! وهذا أمر مجرب ومشاهد، مما يجعل العملية التعليمية أكثر صعوبة وتعقيداً.‏

 

:. والعامل الثالث صحي يتعلق بالبدن، إذ إن الطلاب والطالبات كما المعلمين والمعلمات صائمون، وغالباً ما يكونون في سهر طول الليل، مع ‏أجواء ‏نهارية حارة، وسماء من السحب خالية، وشمس حارقة، فهذا العامل الثالث (العطش والجوع) يتزامن مع السهر والحر، فيدفع إلى ‏اختصار ‏الحصة، وإلغاء الفسحة، وكلها تساهم في ضعف العملية التعليمية والتربوية، وتدني التحصيل العلمي، بل وأجواء تبعث على الملل ‏والعجز ‏وقلة الإنتاجية، مما يدفع إلى كثرة الغياب من قِبل الطلاب والمعلمين من الجنسين، وهذا أمر محسوس، واسألوا المعلمين إن كنتم لا ‏تصدقون ‏عن فصول "صح النوم".‏

 

:. وعندما يتحدثون عن الرعيل الأول في تاريخنا الإسلامي.. كيف صنعوا في رمضاناتهم من انتصارات، وإنجازات، ومخرجات!؟ .. فهم ‏يتحدثون .. بل ‏ويفكرون منفكين عن بيئتهم ومجتمعهم!! إذ إن الرعيل الأول لم تُنِرْه الأضواء، وتُبرده الكهرباء، الرعيل الأول لا يعرف ‏السهر حتى شروق الشمس، ‏وأجسام الرعيل الأول توطنت على الجوع والحر والجلد في العيش، وعليه فالمقارنة غير عادلة ولا منطقية، ‏علاوة على أننا لا يمكن أن نقارن جيل ‏اليوم بجيل الأمس!! لأسباب يطول طرقها وشرحها هنا، ثم إذا كنتم ستلزموننا بحال الرعيل الأول ‏في رمضان، فإنه (قد نُقل) عنهم أنهم يتخلّون ‏عن كل شيء في رمضان بما فيه طلب العلم، ويتفرغون للقرآن، فهل يلزمكم هذا؟.‏
    


:. وعليه أقترح أن يظل شهر رمضان الكريم، شهر القرآن العظيم خارج العام الدراسي برمته؛ بعبارة أخرى تتوقف الدراسة في رمضان ‏ليس كسلاً ‏وتقاعساً وخمولاً ونوماً كما يظن بعضكم، ولا يعني بالضرورة استسلاماً لعادة اجتماعية (السهر)؛ بل استجابة لظروف طبيعية ‏بالدرجة الأولى، ‏وأزعم أن تعطيل الدراسة في شهر رمضان هو تفاعل إيجابي مع النتائج الضعيفة، والمخرجات الهزيلة للعملية التربوية ‏خلال شهر رمضان للأسباب ‏الثلاثة السالفة، ومن محاسن تعطيل الدراسة في رمضان إيقاف الهدر الزمني والمالي في مجال التعليم، ومن ‏ثُم يتم تعويضه بشهر آخر، فإن تم هذا ‏فليس فيه محظور شرعي، ولا ممنوع نظامي، بل حل جذري لعلة ومشكلة تدوم عادة 22 سنة في ‏مسيرة التعليم في كل دورة، وتنفك عنها نحو 10 ‏سنوات فقط، ثم تعود مرة أخرى 22 سنة .. وهكذا دواليك. وسمعت بعض الناس يقترح أن ‏تُثبت الدراسة وفقاً للتاريخ الهجري!! وهذا لا يمكن ‏بسبب ارتباط الفصول الأربعة بالميلادي الشمسي، وبداية الدراسة في معظم العالم تكون ‏في أول فصل الخريف في نصف الكرة الشمالي.‏

 


:. ثم إن شهر رمضان شهر عبادة وطاعة له خصائص ومميزات لا تتكرر في بقية الأشهر، فلِمَ المزاحمة عليه!؟ والوقت في شهر رمضان ‏المبارك يمضي ‏ولا يُعوض، بينما الشهر في التعليم يعوض بشهر آخر بل ويزيد، وعندما نُعطل في شهر رمضان فنحن أدينا حق رمضان ‏بالعبادة أولاً، وثانياً أنقذنا ‏العملية التعليمية من العبث والضعف والتدني في المدخلات كما المخرجات، وعندما نعطل في شهر رمضان فلسنا ‏شاذين عالمياً فمعظم دول ‏العالم تُعطل المدارس فيها أسبوعين للكريسمس ‏Christmas‏ وأسبوعين لعيد الفصح ‏Easter holidays‏ ‏وكلها تقطع مسار الدراسة، بل في بريطانيا ‏وإسبانيا إجازة عيد الكريسمس إسبوعان، إضافة لثلاثة أسابيع لعيد الفصح والمجموع 35 يوماً ‏أعياد دينية!! وفي الولايات المتحدة الأمريكية ‏إجازة الكريسمس لا تقل عن 22 يوماً ناهيك عن عيد الفصح!!‏

 

:. وفي الختام .. إن أبيتم الحل.. فلا أقل من تعطيل الدراسة في شهر رمضان إذا وافق الشهور الحارة (أبريل ، مايو، يونيو، سبتمبر، ‏‏أكتوبر)، وتُعتمد الدراسة خلال رمضان إذا وافق الشهور الباردة (نوفمبر، ديسمبر، يناير، فبراير، مارس) لاعتدال أجوائها وقصر نهارها .. ‏هذا ‏والله أعلم وأحكم.‏
 

 

 *الأستاذ بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون
08-05-2019م

www.almisnid.com
almisnid@yahoo.com

 متى عيدنا .. السبت أم الأحد!؟ متى عيدنا .. السبت أم الأحد!؟
متى عيدنا .. السبت أم الأحد!؟

  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 24
أنت الزائر رقم 964