|
|||
---|---|---|---|
أ.د. عبدالله المسند الخالق البارئ المصور أوجد قانوناً في الكون لا يُرى، ولكننا نشعر بأثره، ونرى نتائجه، فقد استودع الموجد هذا القانون في كل جرم في الكون صغر أم كبر ألا وهو الجاذبية، فمن خلالها ـ والله أعلم ـ قامت السماء وما فيها، متماسكة، ومحبوكة قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ)، ولولا هذا القانون الإلهي لأصبحت الأجرام السماوية شذر مذر، يضرب بعضها بعضاً، وتكون في فوضى، لا تنضبط معها حركة السباحة التي أخبرنا عنها فاطرها (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أي في مجال ومدار وحيز مكاني محدد، بقوى الجاذبية. الجاذبية سر هندسة الكون وبنائه (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، وهي قوى فيزيائية لا ترى (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)، (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ). تخيل القمر فوق رأسك معلقاً في السماء، كتلة من الصخور العظيمة تزن نحو 74 مليون مليون مليون طن تتدلى كالثريا، ليس هذا فحسب، بل يدور حول نفسه بدقة متناهية، ليس هذا فحسب، بل ويدور حول الأرض بأمر الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) ويمسك الجبار القمر أن يقع على الأرض، أو أن ينفلت عنها فيتيه في السماء. تأملوا المحيطات والبحار حيث التصق الماء بوجه الأرض، فلا يتطاير، ولا يطغى محيط على محيط، على الرغم من كونه سائلاً يموج، فوق أرض تدور حول نفسها بسرعة 1670كم في الساعة، وتدور حول الشمس بسرعة 107000كم في الساعة، فسبحان من بيده ملكوت السموات والأرض (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلً)، ولولا الجاذبية الأرضية ما استقامت الحياة على الأرض البتة، وما كان للإنسان وغيره وزن، وعليه فالكون لا يستغني عن هذه السنن والنواميس أو القوى والعوامل التي معها تقوم الحياة إلى يوم القيامة ولقد ألهم الله العالم الفلكي الفيزيائي إسحاق نيوتن عام 1687 في تدبر هذا السر الكوني (الجاذبية)، حتى قام بترجمتها عبر معادلات رياضية، وصيغ فيزيائية نتج عنها اكتشاف قانون الجاذبية (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)، وتجدر الإشارة إلى أن البيروني والخازني قد ألمحا للجاذبية قبل نيوتن بنحو سبعة قرون. تخيل لو انعدمت الجاذبية في الأرض أو ضعفت لاحتاج كل إنسان حبلاً ووتداً ليربط نفسه فيها حتى لا يتيه في الفضاء!! والله تعالى منّ علينا بالجاذبية فقال: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا) والقرار لا يتأتى دون وجود الجاذبية، وإلا لأصبحنا نحن ومن على الأرض نطير في الأجواء ولا نلامس الأرض، بل الخالق دفعنا إلى النظر في مسألة السوائل في الأنهار كيف تجري في مجراها لتنفع الناس والحيوان دون أن تتطاير في السماء أو تسيح على الأرض (وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا)، ثم أكد أن الأرض تحتاج للرواسي لتحميها من الاضطراب أثناء الدوران حول نفسها فقال: (وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ) وقال (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ). ختاماً الجاذبية سر الخالق في إقامة الكون، حتى يأذن عز وجل بانفراط هذا العقد (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ) (ذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ) هنا تتعطل القوانين الدنيوية ومنها الجاذبية .. دمت متفكرين .. ومتأملين .. ومتدبرين (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ).
لقراءة الموضوع والتعليقات عليه عبر حسابي في تويتر تفضل اضغط هنا. 04-05-2021 |
|||
|