|
|||
---|---|---|---|
أ.د. عبدالله المسند عندما أقترب من الكتاب الحكيم، والقرآن العظيم والبحث في التفسير والتأويل أشعر بالرهبة والوجل، كيف لا وأنت تحاول فهم مراد الله في كلامه؟ استفتحت 29 سورة من سور القرآن الكريم بحروف هجاء مقطعة عجيبة غريبة، عددها 14 حرفاً، وهي تمثل نصف حروف الأبجدية، والحروف المقطعة في القرآن 78 حرفاً مع المكرر، وردت في أوائل بعض السور، بعضها بحرف مثل (ص)، وبعضها بحرفين (طه)، وبعضها بثلاثة أحرف (الم)، وبعضها بأربعة أحرف (المر)، وبعضها خماسية (كهيعص) ولله في ذلك حكمة. والحروف هي: الم، المص، المر، كهيعص، طه، طس، طسم، حم، حم عسق، ق، ن. وردت كما يلي: سورة البقرة (الم)، آل عمران (الم) الأعراف (المص)، يونس (الر)، هود (الر)، يوسف (الر)، الرعد (المر)، إبراهيم (الر)، الحجر (الر)، مريم (كهيعص)، طه (طه) الشعراء (طسم)، النمل (طس)، القصص (طسم)، العنكبوت (الم)، الروم (الم)، لقمان (الم)، السجدة (الم)، يس (يس)، ص (ص)، غافر (حم)، فصلت (حم)، الشورى (حم)، الزخرف (حم)، الدخان (حم)، الجاثية (حم)، الأحقاف (حم)، ق (ق)، القلم (ن). وهذه الطريقة في الحديث والتعبير لم ترد في أدبيات العرب لا نثراً ولا شعراً، مما يجعل المسألة لدى المفسرين تزداد غموضاً، سيما وأن الرسول ﷺ لم يُنقل عنه تفسير لها؛ وعليه اختلف علماء التأويل في معناها، والراجح فيها: أن الله أعلم بمرادها، وذلك أنه لم يرد نص من القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ما يفسر لنا معناها ومغزاها، وتبقى حتى الآن من الآيات المتشابهات، والذي لا يعلم تأويلَها إلا من تكلم بها جل وعلا. وقد يكون عدم بلوغنا تفسير الحروف المقطعة من النقل حكمة؛ لفتح المجال إلى إعمال الفكر، وحل اللغز في تلك الحروف الهجائية المقطعة .. على ماذا تدل؟ قلت: وإن كان (ظاهر) تلك الحروف المقطعة أنها من الآيات المتشابهات التي استأثر الله بعلمها، إلا أن لها أسراراً ستتكشف يوماً ما، والشريعة طالما فتحت المجال لإعمال الفكر، وشحذ الذهن، وتنمية العقل في تفعيل عملية التفكر والتدبر والتأمل عبر الدراسة والتحليل التي تقود إلى الإيمان، وإلى الوصول لعين الحقيقة لا جنبها، وفي بعض الأحيان الشرع لا يقدم الحقائق في قوالب جاهزة، بل يدفع العقل للدراسة والتحليل للوصول للحكمة من كون هذا حلالا وذاك حراماً. وقد يصح تفسير وتعليل من قال: إن الحروف المقطعة جاءت في سياق التحدي لكفار قريش، بأن القرآن الكريم مادته الأولية تتكون من حروف تعرفونها وتتحدثون بها، فأتوا بمثله، أو بسورة واحدة، أو آية واحدة إن استطعتم، وعليه فالحروف المقطعة "لها مغزى وليس لها معنى" كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. لماذا لم تأت هذه الحروف في ثنايا السورة؟ أو في آخرها؟ لماذا خُصت بعض الحروف دون غيرها؟ لماذا شكلت بعض هذه الحروف آية كاملة، وبعضها جزءاً من آية؟ ما موقف علماء الشريعة منها هل نكتفي بقول الله أعلم بمرادها، أم نبحث ونحلل لحل لغزها ومراميها؟ وتبقى الحروف المقطعة سر الله في القرآن ربما إلى أجل .. هذا والله أعلم.
لقراءة الموضوع والتعليقات عليه عبر حسابي في تويتر تفضل اضغط هنا.
28-04-2021 |
|||
|