• 323 قراءة


  • 0 تعليق

#ويتفكرون 2

من حكمة الله تعالى ألا يأتي البرد فجأة بين عشية وضحاها، أو خلال بضعة أيام، بل اقتضت حكمة العليم الخبير أن يأتي البرد متدرجاً عبر 3 أشهر تقريباً، تمهيداً وتحولاً تدريجياً لطيفاً من الصيف اللاهب إلى الزمهرير القارس وذلك من لطف الله بعباده لعلهم يتذكرون فيشكرون، ولو جاء البرد دفعة واحدة، وتغيرت درجة الحرارة من الأربعينات إلى أقل من 10 درجات في غضون ساعات لضر ذلك الحرث والنسل وربما أهلكها، تأمل قول الخالق المالك المدبر وهو يصف وظائف الأرض ويمن على عباده (أمن جعل الأرض قراراً)، وقال: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً)، وقال: (ألم نجعل الأرض مهاداً)، وقال: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا).

 

والسؤال كيف تتغير درجة الحرارة بين الصيف والشتاء؟

جعل الخالق الحكيم محور كوكب الأرض والذي تدور حوله مائلاً بمقدار 23.5 درجة، وبسببه  ومع دوران الأرض حول الشمس تبدأ أشعة الشمس الساقطة على الأرض تميل رويداً رويداً من كونها عمودية في ذروة الصيف إلى مائلة منكسرة ناحية الجنوب في الشتاء، وهذا يجعل ظل الأشياء أطول، ويجعل أشعة الشمس تسقط على مسطح جغرافي أوسع، فلا تكون مركزة كالعمودية بل متبعثرة، وهذا بدوره يخفف درجة الحرارة، ولولا هذا الميلان لمحورالأرض لعاش الناس فصلاً واحداً!! وتجمعوا في نطاقات محدودة من الأرض‼ ولكن العليم الحكيم قدر هذا الميلان بقدر رياضي ـ وهذا ليس إلا لكوكب الأرض فقط ـ فلو زاد لزاد برد الشتاء أكثر، واشتد حر الصيف بشكل لا يطيقه الإنسان، ولا تتحمله العجماوات، ولا يناسب النباتات، ولتباطأت تعرية الجمادات أيضاً.

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس لقرب الأرض من الشمس أو بعدها أثر يُذكر لتعاقب الفصول الأربعة خلال السنة!!،

بل العجيب أن كوكب الأرض أقرب ما يكون من الشمس في فصل الشتاء الشمالي!!  وذلك في العشر الأول من يناير، فتكون الأرض أقرب إلى الشمس بنحو 5 مليون كم مقارنة بموقعها في 3 يوليو (ذروة الصيف)، وأبعد ما تكون الشمس من الأرض في فصل الصيف الشمالي  في العشر الأول من يوليو، والفارق بين النقطتين 3% أي 5 مليون كم، وهذا الفرق القليل لا يشكل أهمية في التأثير على درجة الحرارة، وإلا لكان الصيف في يناير عندما تكون الشمس قريبة، والشتاء في يوليو، ولكن ميلان محور الأرض هو العامل المتسبب بتعاقب الفصول خلال العام، ومن ثم تغير درجة الحرارة بين ارتفاع وانخفاض، والذي هو أمر إيجابي للإنسان، والحيوانات، والنباتات، بل وحتى للجمادات .. والشرح في هذه الجزئية يحتاج بسطاً ووقتاً .. وفي الختام جاء هذا التقرير في سياق التأمل في خلق الله (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض) وفي سياق التفكر في قدرة الله وفضله على الناس (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض)

.. هذا والله أعلم.

أ.د. عبدالله المسند

2022

  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 10
أنت الزائر رقم 307