• 501 قراءة


  • 0 تعليق

حقيقة الفجر الكاذب (الضوء البروجي)

الفجر الكاذب هو ظاهرة ضوئية فلكية، يُرى فيها ضوءٌ ينتشر في الفضاء قُبيل بزوغ الفجر الصادق، ويظهر هذا الضوء على هيئة شعاعٍ باهت يمتد عموديًا من الأفق الشرقي نحو الأعلى، ويُشبهه النبي ﷺ بـ"ذَنَب السرحان"، 

فقد قال عليه الصلاة والسلام:
"الفجر   فجران، فجر يقال له: ذنب السرحان، وهو الكاذب، لا يُحل الصلاة، ويذهب طُولاً ولا يذهب عرضاً، والفجر الآخر يذهب عرضاً ولا يذهب طولاً".
وقد فسّر أهل العلم هذا الفجر الكاذب بأنه لا يُعتدّ به في الشرع، فلا تُحل به الصلاة ولا يُحرّم به الطعام على   الصائم.
وعلميًا، فإن الفجر الكاذب هو نتيجة لانعكاس وتشتت ضوء الشمس في الفضاء نتيجة اصطدامه بجزيئات غبارية كونية دقيقة الحجم، تُعرف بالغبار بين الكوكبي، وهي بقايا مذنبات وكويكبات، وتوجد خارج نطاق   الغلاف الجوي، ولذلك تُعدّ هذه الظاهرة ظاهرة ضوئية فلكية خارجية.

ويُشاهد الفجر الكاذب في السماء الشرقية قُبيل الفجر الحقيقي، وكذلك يُمكن أن يُرى بعد غروب الشمس، لكنه لا يُرى بوضوح إلا في المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي، والسماء الخالية من ضوء   القمر، لا سيما في الليالي المظلمة.

وعادةً ما يأخذ شكلًا مخروطيًا قاعدته باتجاه الأفق ورأسه نحو الأعلى، ويرتفع أحيانًا حتى 30 درجة في السماء، ويتفق ذلك مع الوصف النبوي الدقيق.

ومع أن النبي ﷺ قد أشار إلى هذه الظاهرة بدقة قبل أكثر من 1400 سنة، فإن علم الفلك الحديث لم يصفها بشكل علمي إلا بعد سنة 1690م، حين لاحظ الفلكيون هذا الضوء وسموه "Zodiacal Light" أو "الضوء البروجي"، وذلك   لتماشيه مع دائرة البروج التي تمر فيها الشمس والقمر والكواكب.

وقد تختلف شدة هذا الضوء؛ ففي بعض الليالي يكون أشد سطوعًا من مجرة درب التبانة، وأحيانًا يكون خافتًا   بالكاد تميّزه العين المجردة، ويُعدّ شهرا أكتوبر ونوفمبر من أفضل الأوقات لرصده، لا سيما في فصلي الخريف والشتاء.

ويُلاحظ أن هذا الضوء يتماشى مع مسار البروج، أي في نفس جهة طلوع الشمس والقمر والكواكب.

ويجدر التنبيه هنا إلى أن بعض الفقهاء أشاروا إلى أن الفجر الكاذب تعقبه ظلمة ثم يظهر الفجر الصادق، وفي الواقع ومن خلال الرصد الميداني والمعاينة البصرية الشخصية تبين لي خلاف ذلك، حيث يبقى الفجر الكاذب ظاهرًا حتى يندمج تدريجيًا مع نور الفجر الصادق، ويختلف الفاصل الزمني   بينهما بحسب فصول السنة، وقد يصل في بعض أيام الشتاء إلى ساعة وخمسين دقيقة تقريبًا.
وعليه، فإن الفجر الكاذب ليس هو الفجر المعتبر شرعًا في دخول وقت الصلاة أو الإمساك، بل العبرة بالفجر الصادق الذي   ينتشر فيه الضوء عرضًا على الأفق الشرقي، وهو الذي يدخل به وقت صلاة   الفجر ويحرم به الطعام على الصائم.

للمزيد طالع بحثي الميداني مع فريق الرصد لعام 1432 اضغط هنا
أ.د. عبدالله المسند

2025-1446 

  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 20
أنت الزائر رقم 2,292