• 10952 قراءة


  • 0 تعليق

 

د. عبدالله المسند *

:. قدرنا في السعودية أن تحيط بمراكزنا الحضرية بحار الرمال الواسعة الشاسعة المتصلة إحاطة السوار بالمعصم، إذ تشكل بحار الرمال حوالي ثلث مساحة المملكة (800000 كم2)، هذا من جهة ومن جهة أخرى وكمظهر من مظاهر الصحراء القاحلة والمتطرفة فإن التربة السطحية في معظم مناطق المملكة والدول المجاورة لها مفككة وجافة، بل وشبه خالية من المصدات الطبيعية من النباتات البرية؛ بسبب الرعي والاحتطاب الجائر.

 


:. وأصبح تغير المناخ، وتقلبات الطقس، وتكرار حدوث العواصف الغبارية مادة يومية شغلت الناس في المجالس والديوانيات والمنتديات بل والإعلام، وبات حديث المجتمع في الآونة الأخيرة عن الأجواء الملوثة بالعوالق الغبارية، وأثاراها السيئة على الصحة، وخطورتها على وسائل النقل، وأثرها السلبي على النشاط الاقتصادي والتنموي.

:. وفي ظل وجود مخاطر صحية كامنة على الإنسان، وعلى وجه التحديد اللاعبين الرياضيين، عبر تنفس كميات كبيرة من الهواء الملوث بالعوالق الدقيقة القابلة للاستنشاق (أقل من 10 ميكرون PM10) ـ قُطر شعرة الإنسان تعادل 50 ميكرون ـ فإن رئة اللاعب ستكون محط ترسيب لتلك الجزيئات الغبارية الدقيقة، والخطيرة، والتي قد تصيب اللاعب بأمراض الجهاز التنفسي، أو لا قدر الله سرطنة الرئة، وقد تدخل تلك الجزيئات إلى الدورة الدموية خاصة الأصغر من 2.5 ميكرون وفقاً لأبحاث علمية، إذ إن اللاعب وخلال أكثر من 100 دقيقة تقريباً، يضطر إلى استنشاق كميات ملوثة من الهواء أكثر من غيره، وما يقال في لاعب كرة القدم ينسحب بالضرورة على رياضة المشي، وغيرها من الرياضات التي تقام في الأماكن المكشوفة والملوثة بالغبار.

 


:. وعليه أُنادي إلى وضع "معيار بيئي رياضي" نعتمد عليه في تعليق المباريات الرياضية ـ المقامة في ملاعب مكشوفة ـ من عدمه، وذلك عبر الكشف الميداني الدوري عن جودة ونقاء الهواء، ومستوى تلوث الأجواء بالجزيئات الغبارية الدقيقة والخطيرة القابلة للاستنشاق (أقل من 10 ميكرون PM10) وذلك قبيل المبارة، عبر معيار علمي رقمي، يُتفق عليه من قِبل علماء الأرصاد والبيئة والصحة في المملكة العربية السعودية، فإذا تجاوز تلوث الهواء المحيط بالملعب من الجزيئات العالقة المستنشقة الحد المسموح به وفقاً لمقاييس حماية البيئة التابعة للرئاسة العامة للأرصاد عُلقت المبارة.

 


:. وفي حالة كون الغبار والعوالق الغبارية جاثمة فوق المدينة التي ستقام فيها المباراة، ويُتوقع أن يستمر التلوث الغباري لعدة أيام، عندئذ يُصار إلى نقل المباراة إلى مدينة أخرى، وذلك حفاظاً على صحة اللاعبين والحكام، وصحة الجمهور، وكل الجهات الحكومية المشاركة والمساندة في إدارة المباراة، كما أُنادي إلى إيقاف التدريب في الملاعب المكشوفة في حالة بلغت الجزيئات العالقة الحد المسموح به وفقاً لمقاييس المذكورة، ومن نظر إلى العواقب سلم من النوائب.

موسم العواصف الرملية عادة؟
:. يبدأ موسم العواصف الرملية عادة في شهر مارس على وجه التقريب، وتمتد طول فصل الربيع ويكون تركيزها في شهري أبريل ومايو، ويليها موسم العواصف الرملية الصيفية والتي تنشأ بسبب رياح البوارح الشمالية، والتي لها آلية فيزيائية مترولوجية مختلفة عن عواصف الربيع، كما أن رياح البوارح غالباً ما تؤثر على النصف الشرقي من المملكة على وجه التحديد، وعليها يكون موسم الغبار يمتد من مارس حتى منتصف أغسطس على وجه التقريب.

 


:. وبناءً على ظروفنا البيئية الصحراوية تلك أدعو إلى إعادة النظر في جدولة المناشط السياحية والترفيهية والتجارية السنوية، المقامة في الأماكن المفتوحة، وتحويلها من كونها تقام في مواسم الغبار إلى موسم آخر، ولنا في المشاكل البيئية الغبارية التي تصاحب مهرجان الجنادرية السنوي مثلاً، وعلماء الأرصاد الجوية يستطيعون تحديد أفضل الشهور التي تتناسب مع المناشط التي تقام في المناطق المكشوفة.

 


:. ويتساءل الكثير عن سُبل مواجهة أو التخفيف من حدة العواصف الرملية في المنطقة؟ وأحسب أن الأمر يتطلب عملاً إقليمياً من دول الشرق الأوسط كافة، في إعادة النظر في التعاطي مع البيئة ومكوناتها، ومحاولة إعادة تأهيل المنطقة باستزراع الصحاري بملايين الأشجار وفق تقنية حديثة تنسجم مع البيئة الصحراوية الشحيحة الأمطار، والفقيرة في مقدراتها المائية والجافة مناخياً، وأنا هنا لا أحلم بل أتحدث عن توفر الإمكانات العلمية والعملية والمالية والتي تتطلب فقط إرادة وهمة .. ويكفي القول أن فاتورة أرخص حرب وقعت في المنطقة كفيلة في تخضير وتشجير المنطقة، لمن يُحسن صناعة الحياة، ولكم في هذا السياق أن تطلعوا على تجربة تشجير ماثلة للعيان في الإمارات العربية المتحدة، وكذلك تجربة الصين في هذا المجال أيضاً.

 

*عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم ـ السعودية

 

14330628 - 20120519



رابط المقالة بجريدة الرياض..

مواضيع ذات صلة 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 14
أنت الزائر رقم 4,540